تلعب المقاولات العامة دوراً أساسياً في عملية البناء والتشييد وتنفيذ المشاريع الإنشائية الكبرى سواء السكنية أو التجارية أو البنية التحتية العامة مثل الطرق والكباري وشبكات المياه والصرف الصحي وغيرها.
وتتميز المقاولات العامة بامتلاكها الخبرات الهندسية الكبيرة والمعدات والموارد البشرية القادرة على تنفيذ تلك المشاريع بشكل احترافي وخلال المدة الزمنية المحددة. كما تضمن المقاولات مطابقة المشاريع للمواصفات والمعايير الفنية بالإضافة إلى ضبط التكاليف.
وبالتالي أصبحت المقاولات العامة جزءاً أساسياً من عملية التنمية الاقتصادية في أي دولة، حيث تسهم في إنشاء المباني السكنية والمنشآت الحيوية بمختلف أنواعها بجودة عالية وكفاءة تشغيلية.
هذا المقال برعاية اركون للاستشارات الهندسية، اختيارك الأول للمعاملات الهندسية والتجارية.
ظهور وتطور شركات المقاولات العامة في العالم العربي
بدأ ظهور شركات المقاولات العامة في العالم العربي منذ النصف الثاني من القرن العشرين بعد حصول معظم الدول العربية على استقلالها، وبداية تنفيذها لمشاريع البنية التحتية والتنمية.
وكانت بداية هذه الشركات متواضعة حيث كانت تنفذ مشاريع محدودة الحجم كالطرق والجسور. ومع تزايد حجم المشاريع الحكومية خاصة في مجالات الإسكان والطاقة والموانئ، بدأ نمو وتطور شركات المقاولات لتصبح قادرة على تنفيذ المزيد من المشاريع الضخمة بالتعاون مع شركات أجنبية.
واليوم، هناك العديد من شركات المقاولات العربية العملاقة القادرة على المنافسة محلياً وإقليمياً وعالمياً، مثل شركة (المقاولون العرب) في مصر و(صدارة) في السعودية وغيرهم.
التحديات التي تواجه قطاع المقاولات
يواجه قطاع المقاولات العامة في العالم العربي العديد من التحديات، من أبرزها:
1. زيادة حدة المنافسة: زادت حدة المنافسة بين شركات المقاولات المحلية والأجنبية مما يؤدي إلى انخفاض الأرباح وتقليل الهامش بين سعر العقد والتكلفة.
2. نقص التمويل وارتفاع تكلفة الاقتراض: تواجه بعض شركات المقاولات صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع.
3. البيروقراطية: تتسبب إجراءات الحكومات البيروقراطية في تأخير المشاريع وزيادة التكاليف بالنسبة للمقاولين.
4. نقص الكوادر المؤهلة: يعاني القطاع من نقص في الكوادر الهندسية والفنية المدربة مما يستدعي الاستعانة بخبراء أجانب بتكلفة مرتفعة، وتحول دون استدامة نمو وتطور المقاولات المحلية.
الفرص المتاحة أمام نمو قطاع المقاولات
على الرغم من التحديات، إلا أن هناك العديد من الفرص الواعدة التي يمكن أن تسهم في نمو وتطور قطاع المقاولات العامة، منها:
1. زيادة حجم المشاريع الحكومية الضخمة في مجالات البنى التحتية والنقل والطاقة والإسكان.
2. إمكانية الشراكات مع كبريات الشركات الأجنبية لنقل التكنولوجيا والاستفادة من الخبرات.
3. التوسع في الأسواق الإقليمية الواعدة مثل أفريقيا حيث الحاجة المتزايدة لمشاريع البنية التحتية.
4. دعم الحكومات لقطاع المقاولات من خلال حوافز الاستثمار المختلفة.
5. تطوير الكوادر البشرية والارتقاء بمستوى الاحترافية في إدارة المشاريع.
وهذه جميعها عوامل تسهم في تعزيز مكانة وتميز شركات المقاولات العربية محلياً وعالمياً.
الابتكار والتحول الرقمي
يشهد قطاع المقاولات حالياً تحولات كبيرة نحو الابتكار وتبني التقنيات الرقمية المتطورة في مجالات عدة، منها:
– استخدام تقنيات المعلومات والذكاء الاصطناعي في تصميم المشاريع وإدارتها بكفاءة أكبر
– تطبيق مفهوم المدن الذكية في مشاريع البنية التحتية من طرق وجسور وأبنية
– توظيف أنظمة الطاقة المتجددة والحلول الصديقة للبيئة في المباني
– استخدام مواد البناء المتطورة ذات الكفاءة العالية والمتانة وقابلية إعادة التدوير
– تطبيق مفاهيم الصيانة التنبؤية والوقائية باستخدام أنظمة الأتمتة وإنترنت الأشياء
وستساهم هذه الابتكارات في تحسين جودة وكفاءة أعمال المقاولات وزيادة تنافسيتها، مما سينعكس إيجاباً على القطاع ككل.
أمثلة على نجاحات بعض المقاولات العربية وكيفية تعاملها مع التحديات
تمكنت بعض المقاولات العربية من تحقيق نجاحات كبيرة على المستويين الإقليمي والدولي، من أمثلة ذلك:
1. شركة المقاولون العرب (مصر): نجحت في تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية الضخمة في مصر وعدة دول أفريقية وعربية. وتعاملت مع تحديات التمويل عبر الشراكات مع كبرى المؤسسات المالية.
2. مجموعة صدارة (السعودية): دخلت قطاعات صناعية جديدة كالبتروكيماويات، كما نفذت أكبر محطة تحلية مياه في العالم بالمملكة. وتتعامل مع تحديات التشغيل والصيانة عبر تكثيف برامج التدريب.
وتوفر هذه النماذج الناجحة قصص تَفاؤل وإلهام لشركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة العديدة الساعية لتحقيق التميز في الأسواق.
يتطلع قطاع المقاولات العامة العربية إلى مستقبل واعد بالنمو والتوسع، في ظل الحاجة المتزايدة لإنشاء مشاريع البنى التحتية الضخمة، سواء في الدول العربية أو الأسواق الإفريقية المجاورة.
ومما يبشر بالخير أيضا الكم الكبير من الاستثمارات المتوقع تدفقها في المرحلة المقبلة نحو الدول النامية ومن بينها المنطقة العربية، في شكل مشاريع تنموية جديدة. كما أن تبني الحكومات لرؤى اقتصادية وخطط طموحة كرؤية 2030 السعودية ومشاريع المدن الجديدة في مصر سيوفر المزيد من الفرص أمام قطاع المقاولات.
وعليه، من المتوقع أن تشهد شركات المقاولات نموا سريعا في الأرباح وزيادة في أحجام المشاريع المنفذة والتوسع في الأسواق الإقليمية الواعدة خلال السنوات المقبلة.
إلا أن ذلك يتطلب من شركات القطاع مزيدا من الاستثمار في تنمية قدراتها الفنية والبشرية وتبني أساليب إدارة المشاريع الحديثة من أجل الارتقاء بمستوى تنافسيتها والتغلب على التحديات المستقبلية.