
تُعد الهندسة الصناعية من التخصصات الهندسية الحديثة نسبياً والتي تركز على تحسين وتطوير النظم المتكاملة المرتبطة بتصميم وتطوير المنتجات وتحسين العمليات الصناعية بهدف تلبية احتياجات الإنسان.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح هناك تركيز متزايد على دمج مفاهيم وممارسات الاستدامة ضمن مجال الهندسة الصناعية بهدف تصميم وتنفيذ حلول صناعية آمنة بيئياً واجتماعياً واقتصادياً على المدى الطويل.
وترتبط الهندسة الصناعية المستدامة بمفاهيم عدة مثل: التصنيع الأخضر، والاقتصاد الدائري، وتقييم دورة الحياة، بالإضافة إلى معايير السلامة وكفاءة استهلاك الطاقة والموارد.
هذا المقال برعاية اركون للاستشارات الهندسية، اختيارك الأول للمعاملات التجارية والهندسية.
دور تحليل النظم في تقليل الهدر واستخدام الموارد بكفاءة
يلعب تحليل النظم دوراً محورياً في تمكين الهندسة الصناعية من تقليل الهدر واستخدام الموارد بكفاءة، من خلال ما يلي:
– فهم النظام بشكل متكامل وتحديد نقاط الضعف والهدر على امتداد سلسلة القيمة بأكملها
– تحسين تدفق المواد الخام وتقليل النفايات من خلال تحسين تصميم العمليات وخطوط الإنتاج
– تقييم بدائل إعادة التدوير وإدارة النفايات لتحويل المخلفات إلى منتجات ذات قيمة
– تحديد فرص تقليل استهلاك الطاقة والمياه والمواد الخام من خلال تغييرات تقنية وسلوكية
– نمذجة ومحاكاة سيناريوهات مختلفة لاختيار أفضل الحلول التي تُحسِّن الاستدامة
– مراقبة الأداء ووضع مؤشرات رئيسية لقياس التقدم المستمر نحو تحقيق الاستدامة
فالنظرة الشمولية لتحليل النظم تُمكِّن من اتخاذ قرارات مستدامة بشكل أكثر فعالية.
تصميم منتجات آمنة بيئياً وسهلة التدوير باستخدام مبادئ الهندسة الصناعية
يمكن للهندسة الصناعية أن تساهم في تصميم منتجات آمنة بيئياً وسهلة التدوير من خلال:
– استخدام مواد ومكونات صديقة للبيئة يمكن إعادة تدويرها بسهولة أو ذات مصادر مستدامة
– تبسيط وتوحيد هيكلة المنتج واستخدام أجزاء قياسية لتسهيل فكه وصيانته وإعادة تدويره
– تصميم المنتج بحيث يسهل الوصول إلى المكونات التالفة أو البطاريات القابلة لإعادة الشحن
– استخدام مواد غير سامة وغير ملوثة وتقنيات تغليف صديقة للبيئة
– وضع إرشادات واضحة للمستخدمين للحفاظ على المنتج وإعادة تدويره بطريقة صحيحة
– تصميم المنتجات بحيث تستهلك طاقة أقل أثناء عملها مدى الحياة
فبتطبيق هذه المبادئ يمكن المساهمة في تقليل النفايات وحماية البيئة من خلال التصميم الهندسي السليم للمنتجات.
تحسين عمليات الإنتاج لتقليل الانبعاثات والنفايات الصناعية
يمكن للهندسة الصناعية أن تساهم في تحسين عمليات الإنتاج بهدف تقليل الانبعاثات والنفايات من خلال:
– إعادة تصميم خطوط الإنتاج والتجميع لرفع الكفاءة وتقليل الهدر
– استبدال المعدات والآلات القديمة بأخرى ذات كفاءة طاقة أعلى وانبعاثات أقل
– تحسين عمليات الصيانة الوقائية للحد من تسربات الطاقة أو انبعاثات غازية عارضة
– إدخال تقنيات تصنيع نظيفة مثل التصنيع بدون ورشة والتصنيع ثلاثي الأبعاد
– استخدام مصادر طاقة ومواد خام متجددة صديقة للبيئة
– إعادة تدوير النفايات واستخدامها كمواد خام ثانوية ضمن العملية الإنتاجية ذاتها
– الاستعانة بنظم ذكية وحلول رقمنة لأتمتة العمليات وترشيد استهلاك الطاقة والمياه
مما يساهم في خفض البصمة الكربونية ودعم مفهوم التصنيع الأخضر المستدام.
خدمات الاستشارات الهندسية لتطوير صناعات ومدن صديقة للبيئة

يمكن لشركات الاستشارات الهندسية أن تقدم العديد من الخدمات التي تساهم في تطوير صناعات ومدن صديقة للبيئة، منها:
– خدمات تقييم الاستدامة لقياس الوضع الراهن للصناعات ووضع خطط التحسين.
– خدمات تصميم وتنفيذ أنظمة إدارة الطاقة بكفاءة في المباني والمنشآت الصناعية.
– استشارات فنية بشأن اعتماد تقنيات الطاقة المتجددة وترشيد استهلاك المياه.
– دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية لمشاريع الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة.
– تصميم الهياكل التحتية الخضراء والنقل المستدام للمدن والمجتمعات.
– استشارات إدارة النفايات وتحويل الصناعات نحو الاقتصاد الدائري صفر النفايات.
مما يدعم جهود صانعي القرار وأصحاب الأعمال نحو مستقبل أكثر استدامة.
نماذج ناجحة لمشاريع الهندسة الصناعية المستدامة
إليك بعض الأمثلة والنماذج الناجحة لمشاريع الهندسة الصناعية التي تبنت مفاهيم الاستدامة:
– مصنع تسلا للسيارات الكهربائية الذي يعتمد على الطاقة الشمسية ويهدف لتصنيع سيارات خالية من الانبعاثات.
– محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العديد من الدول.
– خط إنتاج أجهزة الكمبيوتر المحمولة التي صممت وفق معايير الكفاءة في استخدام الطاقة وسهولة إعادة التدوير.
– تحويل النفايات البلاستيكية إلى وقود بديل صديق للبيئة في بعض المصانع.
– استخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد للتصنيع السريع للقطع الهندسية وفق الطلب.
– تطبيق نظام التصنيع الرشيق لتقليل الهدر في المواد والوقت أثناء تصنيع السيارات والطائرات.
فهذه بعض الأمثلة الناجحة التي تبنت مفاهيم الاستدامة الشاملة من خلال تطبيق الهندسة الصناعية.
تطلعات الهندسة الصناعية لبناء مستقبل أكثر اخضراراً
يتطلع مجال الهندسة الصناعية إلى المساهمة الفاعلة في بناء مستقبل أكثر اخضراراً واستدامة من خلال:
– رفع معدلات كفاءة استخدام الطاقة والمياه في العمليات الصناعية بنسبة 50% خلال العقد القادم.
– زيادة اعتماد الطاقة المتجددة في الصناعات التحويلية إلى ما يزيد عن 80% بحلول عام 2040.
– تحويل 60% من النفايات الصناعية إلى مواد خام ثانوية تستخدم كمدخلات ضمن نفس العمليات الإنتاجية.
– تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري بحيث تعاد تدوير أكثر من 90% من مكونات المنتجات في نهاية دورة حياتها.
– تصميم 75% من المنتجات وفق معايير التصنيع الأخضر القائم على تقليل استنزاف الموارد والتلوث.
– انتشار نماذج المدن والمجتمعات الذكية المستدامة القائمة بالكامل على الحلول الهندسية الخضراء.
فالآفاق واعدة لمستقبل أكثر خضارًا واستدامة بفضل الهندسة والابتكار التكنولوجي.
لقد تناولنا من خلال هذا المقال دور الهندسة الصناعية في بناء اقتصاد أكثر استدامة، حيث ركزنا على عدة جوانب أساسية تساهم فيها الهندسة الصناعية، من بينها: تحسين كفاءة العمليات، وتقليل الهدر، وتصميم منتجات صديقة للبيئة، وتطوير صناعات خضراء، بالإضافة إلى دفع نحو مدن ومجتمعات مستدامة.
وتظهر العديد من الأمثلة والنماذج الناجحة كيف أن التطبيق السليم لمفاهيم وحلول الهندسة الصناعية يدعم التحول نحو اقتصاد أخضر ودائري يحافظ على الموارد ويقلل التلوث وانبعاثات الكربون.
ومع التطور المستمر في الهندسة الصناعية، تبدو الآفاق واعدة نحو مستقبل أكثر استدامة وصداقة للبيئة، حيث تسعى الجهود لتبني مزيد من الحلول الخضراء الشاملة على نطاق الصناعات والمدن والمجتمعات.